Saturday, December 29, 2018
سلطان القاسمي .... باني الشارقة الجديدة
سلطان القاسمي .... باني الشارقة الجديدة
بقلم محمد شفيق / باحث قسم اللغة والحضارة ، حرم الوافي الجامعي
لا أزال أحن إلى الدول العربية بعين
مدهشة بسبب تطورها في المجالات الاقتصادية والصناعية والتكنولجيات الحديثة خاصة
بعد أن اكتشف النفط فيها، ومع ذلك كنت قلقا في النظام الملكي الذي تتبعه الدول
الخليجية بسبب شكوكي في مؤهلات أمرائها لقيادة هذه الدول وسيادتها إلى دول أرقى
وأعظم في العالم ثقافيا وحضاريا وفنونيا وتعليميا. ولكن عندما عندما أمعنت النظر في مؤهلات ملوك هذه
الدول مثل الشيخ زايد رئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة والشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة
وعضو المجلس الأعلى للاتحاد وفي مبادرتهم المختلفة ومشروعاتهم المتميزة في مختلف
المجالات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية وغيرها عرفت أني مخطئ في
ظني حول هؤلاء الأمراء البارزة العملاقة وأعتقد الآن بشدة أن العالم نفسه ما وجد
إلا نادرا مثل هذه الأمراء.
مسيرة طويلة من التنمية الثقافية والاقتصادية
والاجتماعية في إمارة الشارقة، خط صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي
عضو المجلس الاعلى للاتحاد، سطورها لتشكيل الشارقة الحديثة وترقيتها إلى بلد أعظم
وأرفع في العالم كله، في مختلف المجالات
الثقافية والتعليمية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والفنية وغيرها ولذلك من
الصعب الإلمام بجميع دور سموه البارز في تشكيل الشارقة الحديثة.
ولد الشيخ سلطان القاسمي بالشارقة في السادس من يوليو في عام 1939 وقد
بدأ سموه تعليمه العام في شهر سمتمبر سنة 1948 في مدرسة الإصلاح القاسمية بعد أن
درس القرآن لدى الشيخ فارس بن عبد الرحمن وتنقل سموه بين الشارقة والكويت لتلقي
تعليمه الإعدادي والثانوي ونهل من الثقافات العربية الإسلامية، وبعد الانتهاء من
الدراسات الثانوية عمل لفترة قصيرة في مدرسة الصناعية ورحل بعدها إلى القاهرة
ليدرس الهندسة الزراعية وتخرج فيها عام 1971م. وحاز سموه دكتوراه الفلسفة في
التاريخ من جامعة ‘إكستير’ في المملكة المتحدة عام 1985م ودكتوراه الفلسفة في
الجغرافية السياسية للخليج من ‘جامعة درم‘ في المملكة المتحدة عام 1999، ويتناول
سموه في هاتين الأطروحتين الصراع على
السلطة في منطقة الخليج ما بين القرنين السابع عشروالتاسع عشر.
ومن أكبر ما يتميز به صاحب السمو حاكم الشارقة بهوايته المفضلة ‘الكتابة، ولم
يقتصر سموه بكتاباته على المؤلفات التاريخية فقط، بل كتب في الرصيد الأدبي أكثر من
ثلاثين كتابا. وظهر ميله منذ صغره إلى الفن والثقافة وكان يهوي الرسم والمسرح
وتنظيم المعارض العلمية كما شارك في عدة نشاطات مسرحية حتى عرف بعاشق للمسرح، وألف
ثماني مسرحيات تحمل كل واحدة في طياتها كثيرا من المواقف والعبر منها عودة هولاكو
،القضية، الحجر الأسود، النمرود، الإسكندر الأكبر.
وقد تولى
مناصبا عديدة في مختلف مراحل حياته مثل رئاسة البلدية عام 1965م وإدارة مكتب
الحاكم في إمارة الشارقة، أما مسيرته الرائدة لصاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد
القاسمي بدأت بإعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر عام
1971م حيث كان وزير التربية والتعليم لإمارة الشارقة. وتولى مقاليد الحكم في
الشارقة إثر وفاة أخيه الشيخ خالد بن محمد القاسمي وذلك في 25 يناير 1971م وأصبح
عضوا في المجلس الأعلي للاتحاد. وقاد سموه التنمية الثقافية والاجتماعية
والاقتصادية وعمره 32 سنة وبذل أقصى جهده لبناء الشارقة من جديد تهتم على الثقافة
العربية والإسلامية والتاريخية مع ما يرافقها من التطورات الحديثة.
وكانت
الشارقة إحدى أغنى المدن في المنطقة كما كانت من أهم الموانئ على الخليج العربي
منذ بداية التجارة مع الشرق وحتى في بداية ال نصف الأول من القرن التاسع عشر،
واشتهرت الشارقة بصناعة اللؤلؤة اللتي كانت مصدر الدخل الرئيسي حتى أواخر العام
1940م بالإضافة على الصيد البحري والتجارة كما تم إنشاء أول مطار دولي في المنطقة
عام 1932م. وبعد أن تولى الشيخ سلطان القاسمي مقاليد الحكم تطورت الشارقة بجميع
مجالاتها وأصبحت مدينة معا صرة ومتطورة تمتد من
ساحل الخليج العربي غربا وصولا إلى الساحل الشرقي لدولة الإمارات العربية
المتحدة باكتشاف النفط عام 1972م. وقد نجحت الشارقة في دمج تراثها القديم مع
حاضرها المعاصر لحرص سموه الشديد في تحقيق التوازن بين الثقافة العريقة والتطورات
الحديثة كما قال سموه ‘الثقافة حجر الزاوية في التنمية المنشودة ، وهي ما يحقق
التوازن بين الانتماء الحضاري وروح العصر’.
مبادراته الثقافية
لا
تسع أوراقنا المحدودة لبيان جميع مبادرات الشيخ سلطان القاسمي الذي وصفه الخبراء
والكتاب بلقب رجل الثقافة وسفير الثقافة العربية للحفاظ على الثقافة العربية
الإسلامية،وقد وهب سموه للثقافة والحضارة والتاريخ جل اهتمامه وجعل من إمارة
الشارقة نفسها إمارة للثقافة لتكون عاصمة الثقافة العربية في عام 2008م وعاصمة
للثقافة الإسلامية في عام 2014م وبذل أقصى جهده لخلق
ودعم حركة ثقافية نهضوية ليس في إمارة الشارقة فقط بل في سائر الدول الخليج العربي
من خلال اقامة المؤسسات العلمية والثقافية.
وأطلق
سموه مشاريع مهمة في إمارة الشارقة
لمواكبة العصر وتحدياته وتطوراته ومع ذلك لم ينس الأصول والجذور لثقافة الإمارة
وتاريخها الحضاري والاجتماعي كما أسس المتاحف المجهزة بأحدث التقنيات كمتحف
الشارقة للتراث والمتحف الإسلامي ومتحف الشارقة للآثار . وخير دليل على نشاطاته
الثقافية تطبيق سموه في إمارة الشارقة انتهاج سياسية ثقافية واعية في شتى الحقول
العلمية والمعرفية كما أعطى عنايتة التامة لمتابعة المنجزات العربية والعالمية
والإنشائيات في مجالات التاريخ والفنون والعمل على نشر تلك الخبرات بين الشباب
العربي.
تقديرا
لجهود سموه في رعاية التنمية الثقافية العربية ومساهماته في مجالات التأليف، أكرمته
جائزة الشيخ زايد في دورة الجائزة الرابعة للعام 2009ـ-2010 ولقب بشخصية العام
الثقافية. وقال الأمين العام للجائزة راشد العريمي بعد هذا الإعلان ‘إن إنجازات
صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي في إعلاء الثقافة العربية تمثل ما
تصبوإليه جائزة الشيخ زايد للكتاب في شخصية العام الثقافية وأن اختيار سموه ما هو
إلا تقدير لإنجازات كانت وما زالت مثالا يحتذى به في دعم الثقافة العربية.
كما
عمل وشمر عن ساقه لإحياء الثقافة العربية وإعطاءها هوية جديدة شجع عليها آخرين
خاصة الشباب العربي بمشروعات جديدة، كما أنشأ سموه جائزة الشارقة للثقافة العربية
عقب اختيار الشارقة عاصمة إقليمية للثقافة العربية من قبل المنظمة الدولية للتربية
والعلوم والثقافة ‘اليونسكو’ عام 1998م
وخصص لها سموه مبلغ 250 ألف دولار التي تمنحها اليونسكو لمبدعين من داخل
الوطن العربي وخارجه لتشجيع الإبداع الموجه للتنمية والثقافة الإنسانية.
مبادراته التعليمية
تظهر
المبادرات التعليمية التي يطلقها السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي الذي عرف
بعشقه للتعليم والثقافة اهتمامه بالتربية والتعليم وأطلق سموه خلال السنوات
الماضية عدة مبادرات تعليمية في إمارة الشارقة يهدف بها النهوض بالقطاع التعليمي
من خلال توفير أحدث التقنيات في المدارس والمبادئ التعليمية كما خصص برامج مختلفة
لتأهيل المعلمين وتطوير المهارات والقدرات للطلبة. وأثمرت هذه المبادرات العديد من
النتائج في العملية التعليمية في إمارة الشارقة وحصدت العديد من الجوائز التعليمية
التي تمنحها جهات مختلفة في الإمارات العربية المتحدة. وسببها الرئيسي يرجع إلى أن
هذه المبادرات انبثقت عن فكرحاكم قضى مسيرة طويلة في المجالات العلمية كما تقول
عائشة سيف أمين عام مجلس الشارقة للتعليم‘ إن صاحب السمو حاكم الشارقة لديه رؤية
ثاقبة في كل ما يطلقه من مبادرات تحدث أثرا عاما للسير في ركبها والنهوض بالعملية
التعليمية في مختلف أنحاء دولة الإمارات العربية المتحدة’.
وقد
أثنى الخبراء والمعلمون والطلبة المبادرات التعليمية والجهود المختلفة في مجال
التعلم والتعليم في إمارة الشارقة كما قالت المعلمة الحمادي إن مبادرات صاحب السمو
حاكم الشارقة تنعكس على الأداء وترتقي بالعمل التربوي. وأورد هنا بعضا من مبادراته
التعليمية المهمة لأن وقتنا لا يسع لهذه المبادرات كلها بجميع تفاصيلها، ومن أبرزها
إنشاء 66 حضانة موزعة على كافة المناطق التابعة لإمارة الشارقة بالإضافة إلى 19
حضانة موجودة أصلا في المدارس الحكومية
وتعيين الخريجات المواطنات في إدارتها. وتهدف هذه المبادرة إلى تحقيق الأمن
والسلامة والرعاية الكاملة والشاملة للأطفال ويدل إقبال الآباء بتسجيل أبناءهم في
الحضانة المنجزة على قبولية هذه المبادرة.
وأطلق سموه
أيضا لتوفير الرعاية الصحية الكاملة لطلبة المدارس مبادرة بتعيين 88 ممرضة في 88 مدرسة من خريجي جامعة الشارقة ومن
معاهد التمريض المختلفة على مستوى الدولة وتجهيز 127 عيادة مدرسية بأحدث الوسائل
العلاجية والتقنية وتوفير الوجبات الغذائية والصحية للطلبة في المدارس الحكومية
والخاصة. ولم يغفل سموه عن توفير المنح الدراسية للطلبة من ذوي الإعاقة وتسبب هذا
الدعم المتواصل في حصول الكثير من ذوي الإعاقة على إنجازات يفخر بها الجميع كما
وفر لهم وظائف في إمارة الشارقة.
جهوده
المتواصلة للحفاظ على اللغة العربية
وقد
عجبت من مبادرات سموه العديدة ومشروعاته المتميزة في حماية اللغة العربية وتطويرها كأنه جبل راسخ في مواجهة الأخطار التي تتعرض لها الثقافة
العربية، ولا نبالغ إدا قلنا إن إستراتيجية تطوير التعليم في إمارة الشارقة تستند
في محورها الرئيسي إلى دور اللغة العربية
وجعلها الشيخ سلطان القاسمي تمثل الركيزة الأساسية للنظام التعليمي وأعطى لها هوية
جديدة كما جعلها أحد المحددات الحيوية للهوية الوطنية. وأشاد العديد من الخبراء
والعلماء والأمراء والجمعيات بدور سموه
البارز في خدمة لغة الضاد كما احتفت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة
‘اليونسكو’ في العاصمة الفرنسية في ديسمبر 2014 بصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان
القاسمي ضمن احتفالية المنظمة باليوم العالمي للغة العربية،
وأطلق
سموه العديد من المبادرا ت والمشروعات لهذا الهدف من أبرزها إقامة مجمع اللغة
العربية في إمارة الشارقة وتأسيس جمعية حماية اللغة العربية في دولة الإمارات وجمعية
الإمارات لحماية الخط العربي وتعهد سموه أن يتكفل بجميع احتياجات المجامع اللغة
العربية كما شجع على القاموس اللغوي التاريخي، ومن مبادراته الأخرى التي تم
إطلاقها في عام 2013 مبادرة ‘لغتي’ وتهدف
هذه المبادرة إلى دعم اللغة العربية وتعزيزها بأحدث الوسائل الذكية والبرامج
العصرية وتهيئة البيئة المدرسية الملائمة للإبداع باللغة العربية.
مبادراته الاقتصادية
يمتاز
اقتصاد الشارقة في ظل القيادة الرشيدة لصاحب السمو الدكتور سلطان القاسمي بالتنمية
المستدامة الشاملة إضافة إلى دعامات سموه لتحقيق أهداف التنمية الإجتماعية. وقد
حققت الشارقة خلاال السنوات الماضية عددا من الإنجازات في مختلف الميادين
الاقتصادية بناءا على معايير التنمية
المستدامة وصداقة البيئة كما اهتم سموه
على مشاريع البنية التحتية في الشارقة منها مشاريع الكهرباء والطرق والبنية
التحتية للطيران وتطوير مدينة الشارقة والمدينة الجامعية وغيرها.
ويعجز
التعبير عن بيان دور سموه في التنمية الاقتصادية في الشارقة بإطلاق مبادرات مبدعة
ومشروعات عدة وأنشطة اقتصادية عديدة لتطوير القطاع الاقتصادي في الشارقة خاصة فيما
يتعلق بالقطاعات الصناعية والعقارية والسياحية، وسجلت الشارقة من خلالها نموا
بمعدل متوسط يقدر بنحو %11 في السنوات الماضية كما سجلت بمعدل عال في زيادة نمو
النتاج المحلي. كباحث في مرحلة ماجستير، وقد
جذبتني بشدة مبادراته المختلفة بالتعاون مع المؤسسات التعليمية والأكادمية لدعم الطلبة الجامعيين منهجيا وتعريفهم في الدراسات
الاقتصادية للمتطلبات الرئيسية في اقتصاد الشارقة وتأهيلهم للدخول إلى سوق العمل،
كما استقبلت دائرة التنمية الاقتصادية بالشارقة عددا من طالبات كليات التقنية
العليا بالشارقة بهدف إكساب الطالبات الخبرات المهنية اللازمة في مجالات تخصصهن.
ولم
تنحصر مبادرات سموه في اقتصاد الشارقة على
مجرد تكثير الأموال والأرباح فنظمت دائرة التنمية الاقتصادية بالشارقة عددا من
المبادرات الاجتماعية لتعزيز التلاحم الاجتماعي والانساني والمشاركة في الانشطة
والحملات والفعاليات الاجتماعية، كما نظم فرع دباالحصن بالتعاون مع دائرة الخدمات
الاجتماعية زيارة لعدد من المسنين لتوطيد العلاقات وتعزيز الانسجام الاجتماعي بين
أفراد المجتمع. وتسببت هذه الزيارة للمشاركة والقيام بالأعمال الخيرية والإنسانية
ومساعدة فئات المجتمع وتعزيز التكافل في مجتمع الشارقة.
خاتمة
‘البيان
يقصر عن بلوغ مقصده’ ، إن هذا القول يحق تماما في قضية الشيخ سلطان بن محمد
القاسمي حاكم الشارقة وعضو المجلس الأعلى للاتحاد عندما نبين دور سموه في تشكيل
الشارقة الحديثة لأن سموه ترك بصماته الواضحة في كل لبنة أو ركن، إن صح التعبير،
في بناء الشارقة من جديد. وقاد سموه التنمية الثقافية والإجتماعية والاقتصادية
خلال الفترة الماضية التي امتدت إلى أكثر من 4 عقود وجعل الشارقة عاصمة للثقافة
ومنارة علمية بتوفير بنى ثقافية ومؤسسات اجتماعية ومنارات علمية في إمارة الشارقة.
وحققت الشارقة في ظل قيادة سموه الرشيدة كثيرا من الجوائز والأوسمة منها اختيارها
عاصمة للثقافة العربية في عام 1998 من قبل منظمة ‘اليونسكو’ واختيارها للثقافة الإسلامية في عام 2014 من
قبل منظمة التربية والثقافة والعلوم الإسلامية ‘أيسيسكو’ كما تم اختيارها عاصمة
للسياحة العربية في عام 2015 من قبل منظمة السياحة العربية التابعة لجامعة الدول
العربية، ومن الحشو والتطويل الإتيان بجميع مشروعاته البديعة ومبادراته المتميزة
ومساهمته العديدة لأن الإشارة تكفي للذكي ليعرف دور سموه في تشكيل الشارقة الحديثة.
المصادر والمراجع
· خالد بن محمد القاسمي، الشارقة : أصالة الماضى و
عصرية الحاضر، 1993
· محمود بهجت سنان، إمارة الشارقة، وزارة الثقافة
والإرشاد، 1967
· الموقع الخاص لصاحب السمو الشسخ الدكتور سلطان بن
محمد القاسمي
· سلطان القاسمي.. حاكم شغوف بالتاريخ، موقع الشارقة،20
أغسطس 2017
· سلطان القاسمي شخصية العام الثقافية لجائزة الشيخ
زايد للكتاب، موقع الإتحاد ،17 يناير 2010
· سلطان القاسمي...مسيرة عطاء عنواها الرسمية، موقع الإمارات اليوم، 15
مايو2016
· مجلات وقطعات صحفية عربية
Subscribe to:
Post Comments
(
Atom
)
No comments :
Post a Comment